في البداية، لا يسعنا سوى الإشادة بالوعي الجماعي الذي أظهره سكان طنجة تجاه مشروع ساحة سور المعكازين، وكيف توافقوا على رأي جمالي موحد يهم البنية العمرانية لمدينتهم. هذا التوافق يعكس حيوية المجتمع المدني المحلي وأهمية دوره في المراقبة والتعبير عن الرأي، كما يبرز حرص الفاعلين والمواطنين على جمالية المدينة وبنيتها التحتية.
وفيما يتعلق بساحة سور المعكازين، يبدو أن الهدف الأساسي تحقق بالفعل بعد موجة المنشورات والتعليقات التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي مباشرة بعد إزالة معدات الأشغال. التفاعل الرسمي جاء سريعًا عبر تصريحات من شخصيات ومنابر إعلامية محترمة، حيث أوضح مصدر ولائي أن الأشغال لم تنتهِ بعد، وأنه تم منح عطلة عيد الأضحى للعمال، كما هو معتاد في قطاع البناء. وتمت الإشارة إلى أن فتح الساحة بشكل مؤقت جاء استجابةً لشعبيتها خلال العيد، على أن تُستأنف الأشغال بعد العطلة. هذا التوضيح أعاد التأكيد على أن ما حدث في الساحة لم يكن إنهاءً نهائيًا للمشروع، بل توقفًا مؤقتًا مبررًا بعطلة العيد.
في هذا السياق، وإذا ما افترضنا حسن النية، فإن هذه التوضيحات كانت ضرورية وفعالة، سواء أكانت استجابة صادقة أم تبريرًا لاحقًا، إذ إن صوت المواطن قد وصل وتم إعلان نية استكمال الأشغال لاحقًا. ذلك بحد ذاته يُعد انتصارًا لمبدأ المشاركة والتواصل. أما استمرار بعض الحملات المبالغ فيها أو محاولات الركوب على موجة الساحة لتصفية الحسابات، فهو أمر يضر أكثر مما ينفع، ولا يخدم سوى مصالح محدودة على حساب الصالح العام.
من المهم هنا ألا نبعث برسائل خاطئة للمؤسسات تفيد بأن تجاوبها لا يؤدي لأي نتيجة، لأن مثل هذه الرسائل قد تُفقدها الرغبة في التفاعل مستقبلاً. تمامًا كما يحدث مع الطفل الذي صرخ يطلب الطعام، فلما أعطته أمه ما طلب استمر في الصراخ، لتدرك أنه لا يريد الطعام فعلاً، بل أشياء أخرى. علينا أن نظهر للمؤسسات بأن مطالبنا صادقة وأن تجاوبها محل تقدير، حتى نؤسس لعلاقة ثقة حقيقية تصب في التغيير الإيجابي المنشود.
وفي هذا الإطار، ينبغي التذكير بأن مؤسسة الولاية تابعة لوزارة الداخلية وليست جماعة ترابية، ما يجعل تواصلها يتطلب تصاريح رسمية. ورغم هذه الطبيعة، فقد أبانت في عدة حالات عن قدرتها على الاستماع للمواطنين والتدخل عند الضرورة. نماذج ذلك عديدة: بدءًا من مطالبة الوالي بالتحقيق مع رئيس مقاطعة بسبب تجاوزات، وصولًا إلى التصدي لاحتلال الملك العمومي من طرف بعض المنعشين العقاريين، بل وحتى إزالة واجهات محلات تتجاوز القانون. هذه الأمثلة، وإن لم ترق للبعض، تؤكد تفاعل مؤسسة الولاية وضبطها للتوازنات.
وبدلًا من التركيز على مشروع ساحة سور المعكازين فقط، من الأجدى توجيه الجهود والمتابعة إلى مشاريع ومؤسسات أخرى اعتادت الصمت والتجاهل، حتى لا تبقى دار لقمان على حالها. ذلك هو السبيل لتعزيز المشاركة الحقيقية والرقابة الفعالة.
ختامًا، غدًا لناظره قريب… وساحة سور المعكازين ستظل رمزًا حضريًا يستحق الاحترام والاهتمام الجماعي، لا ساحة لتصفية الحسابات أو المزايدات. ونؤكد هنا أننا نحترم جميع الآراء ولا نتهم أحدًا ولا نزايد على أحد. كل ما نطمح إليه هو تقديم وجهة نظر ممن استطاع أن يرى المؤسسات من الداخل والخارج، بهدف واحد: خدمة المصلحة العامة لمدينة تجمعنا جميعًا.
طنجة بوست tanjapost – أخبار طنجة : المصدر